من الشراكة القسرية إلى الحرب: الجذور التاريخية لصراع البرهان وحميدتي

اندلعت الحرب بين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو"حميدتي"في 15 أبريل 2023، لكنها لم تكن انفجارًا مفاجئًا كما يبدو، بل كانت نهاية حتمية لمسار طويل من التنافس العسكري والسياسي بدأ منذ أكثر من عشرين عامًا.لفهم هذه الحرب لا يكفي النظر إلى ما حدث في الخرطوم العام الماضي، بل يجب العودة إلى جذور القوة والسلاح والذهب والسلطة في السودان.

حين صنع عمر البشير قوات الدعم السريع، لم يكن يدرك أنه يزرع داخل النظام وحشًا سينقلب على الجميع.حميدتي الذي بدأ مقاتلًا في صحاري دارفور، صار خلال سنوات قليلـة أخطر رجل في السودان:يملك جيشًا، واقتصادًا موازيًا، وشبكات ذهب تمتد من جبل عامر إلى دبي.كان البشير يظنه تابعًا…فإذا به يصبح شريكًا لا يمكن التخلص منه.

وضع سقوط نظام البشير في 2019 الرجلين–البرهان وحميدتي–في معادلة غريبة:شراكة بدون ثقة.جلسا في قمة السلطة وهما يضعان أيديهما على الزناد.وبعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، بدا أنهما أمسكَا البلاد بقبضة واحدة…لكن الحقيقة أنهما كانا ينتظران اللحظة المناسبة للانقضاض.

اللغم الذي فجّر كل شيء كان ملف دمج قوات الدعم السريع في الجيش.البرهان رأى فيه معركة وجود:إما أن يبقى جيش واحد…أو لا دولة.أما حميدتي، ففهم أن الدمج السريع يعني نهايته، لذلك اشترط عشر سنوات، بل وطالب بوضع الجيش تحت قيادة مدنية مؤقتًا.عندها شعر البرهان أن حميدتي لم يعد مجرد قائد مليشيا…بل منافس على الحكم.

تصاعدت لغة التخوين، وخرج الصراع من الكواليس إلى العلن.تحركات عسكرية، سيطرة على المطارات، حشود متبادلة، رسائل نارية في الإعلام…ثم جاءت اللحظة الحاسمة.في فجر السبت 15 أبريل 2023 تحولت الخرطوم إلى ساحة حرب.كل ما كان خفيًا ظهر، وكل ما بُني على التسويات المؤقتة انهار.

كانت تلك الحرب نتيجة طبيعية لسنوات من التعايش القسري بين مشروعين لا يلتقيان:مشروع جيش رسمي يسعى لاستعادة احتكار القوة، ومشروع قوة موازية تريد البقاء دولة داخل الدولة.وكما قال أحد السودانيين بمرارة:"لا يمكن لبلد أن يعيش بجيشين…فإما أن يبتلع أحدهما الآخر أو يبتلعان الدولة معًا."


للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.