مجلس الأمن: حين يصوّت العالم على إفريقيا… دون إفريقيا

يشهد النظام الدولي مفارقة صارخة:قارة إفريقيا، التي تمثل أكثر من ربع عضوية الأمم المتحدة وتتحمل النصيب الأكبر من أعباء الأمن والسلم الدوليين، لا تملك مقعدًا دائمًا واحدًا في مجلس الأمن.منذ تأسيس المجلس عام 1945، حين كانت معظم الدول الإفريقية لا تزال مستعمرات، بقي الهيكل مجمّدًا على صورة تعكس ميزان القوى القديم بين المنتصرين في الحرب العالمية الثانية.

اليوم، أكثر من 70٪ من قضايا مجلس الأمن تتعلق بإفريقيا، ومع ذلك، لا يُسمح لها إلا بثلاثة مقاعد غير دائمة تُعرف باسم مجموعة A3.والأسوأ أن الملفات الإفريقية تُدار بأقلام أوروبية، حيث تتولى فرنسا وبريطانيا كتابة معظم القرارات الخاصة بمالي وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، استنادًا إلى إرث استعماري لم يختفِ بل تغيّر شكله فقط.

ورغم محاولات القارة لاستعادة صوتها من خلال موقف موحّد عُرف باسم“توافق إزولويني”(2005)، الذي طالب بمقعدين دائمين لأفريقيا بحق الفيتو، إلا أن القوى الكبرى ما زالت تناور.الولايات المتحدة أعلنت دعمها للتمثيل الإفريقي ولكن دون فيتو، وفرنسا وبريطانيا تؤيدان الأمر بشروط مشابهة، في حين تبدي الصين وروسيا تأييدًا لفظيًا يفتقر إلى التزام عملي.

في المقابل، يزداد الوعي الإفريقي بضرورة التكتل الدبلوماسي.ففي عام 2019، نجحت دول الـA3 لأول مرة في كسر جمود المجلس وتمرير بيان موحد حول السودان بعد الثورة، ما أثبت أن الوحدة الإفريقية قادرة على التأثير متى ما تمسكت بموقف مشترك.

لكن الطريق لا يزال طويلاً.فحتى لو حصلت إفريقيا على مقعدين دائمين، فإن غياب حق النقض قد يجعل التغيير رمزيًا أكثر منه جوهريًا.ومع ذلك، فإن وجود صوتين إفريقيين دائمين يمكن أن يعزز تمثيل القارة في ملفات السلم والتنمية ويمهد لإصلاح أوسع في نظام الأمم المتحدة نفسه.

في نهاية المطاف، إصلاح مجلس الأمن ليس مطلبًا إفريقيًا فحسب، بل هو امتحان لمصداقية النظام الدولي في القرن الحادي والعشرين.فاستبعاد أكثر من 54 دولة و1.5 مليار إنسان من صناعة القرار العالمي لم يعُد مقبولًا، ليس فقط أخلاقيًا، بل عمليًا، لأن سلام العالم لا يمكن أن يُدار من دون صوت القارة التي تشكل مركز ثقله البشري والاقتصادي.

للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.