الذكاء الاصطناعي والعلاقات الإنسانية: هل يمكن أن نصادق آلة؟

في زمنٍ نحاور فيه الخوارزميات عن مشاعرنا… من بقي ليحاور قلوبنا؟

الذكاء الاصطناعي والعلاقات الإنسانية: هل يمكن أن نصادق آلة؟

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة حسابية جامدة؛ لقد أصبح كائنًا تفاعليًا يفهم، ويتعاطف، ويجيب كما لو كان“صديقًا حقيقيًا”.من روبوتات المحادثة إلى التطبيقات العاطفية التي تخلق شخصيات افتراضية تشاركك اليوميات والذكريات، يعيش العالم اليوم ثورة جديدة يمكن وصفها بـ“الذكاء العاطفي الاصطناعي”.

تشير الدراسات إلى أن 12٪ من مستخدمي تطبيقات الصحبة الرقمية يستخدمونها لمواجهة الوحدة.ومع ذلك، يرى الباحثون أن هذه الصداقات الرقمية قد لا تكون سوى“إسقاط نفسي”—نمنح فيها الخوارزمية مشاعرنا، ثم نصدق أنها تبادلنا العاطفة.

يتحوّل“الصديق الرقمي”إلى ملاذ نفسي مؤقت، لكنه يفتح أبوابًا لأسئلة أخلاقية خطيرة:من يملك بياناتك العاطفية؟ ومن يربح من وحدتك؟ فقد بلغ حجم سوق“الذكاء العاطفي الاصطناعي”أكثر من 120 مليار دولار عالميًا، بينما تجاوز عدد مستخدمي تطبيقات الذكاء المصاحِبة 100 مليون مستخدم في عام واحد فقط.

المفارقة أن هذه التطبيقات، رغم دفئها الظاهري، لا“تشعر”فعلاً—بل تحاكي المشاعر استنادًا إلى خوارزميات لغوية تتعرف على أنماط الحزن أو الفرح وترد بعبارات جاهزة:“أنا هنا من أجلك”،“أنا أفهمك”.ومع الوقت، ينسى المستخدم أنها مجرد رموز تملأ فراغ الوحدة.

تحذر دراسات حديثة من أن“التعاطف الاصطناعي”قد يصبح وهمًا خطيرًا، خاصة للمراهقين والعزّاب.فقد سُجِّلت حالات اعتمادية عاطفية وحتى انتحار بسبب نصائح خاطئة من روبوتات دردشة.ولهذا بدأت بعض الدول بوضع لوائح تحدّ من“تظاهر الآلة بالإنسانية”في التطبيقات العلاجية.

في المقابل، يرى آخرون أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم إيجابيًا إذا أُحسن استخدامها.فـ30٪ من المشاركين في إحدى الدراسات أكدوا أن محادثاتهم الطويلة مع روبوتات الذكاء الاصطناعي ساعدتهم على فهم أنفسهم بشكل أفضل وتحسين احترامهم لذاتهم.

لكن الخطر الأكبر يكمن في الاعتمادية، إذ يبدأ البعض في تفضيل العلاقات الرقمية الخالية من الألم والاختلاف، على حساب الصداقات البشرية الحقيقية.وهذا ما يمكن وصفه بـ“الحميمية الاصطناعية”—تفاعل عاطفي سهل، بلا التزام ولا عمق.

في المستقبل القريب، قد يعيش الإنسان في تفاعل يومي مستمر مع“ذكاء شخصي”، يرافقه في العمل والمنزل والعالم الافتراضي.لكن السؤال يبقى:هل ستثري هذه الرفقة إنسانيتنا أم تعيد برمجة عواطفنا لتتناسب مع من لا مشاعر لهم؟


🟨 خاتمة
لقد تجاوزنا حدود التفاعل مع الآلة.الصداقة مع الذكاء الاصطناعي لم تعد خيالًا علميًا، بل مرآة رقمية نرى فيها أنفسنا—بأمانٍ، وعزلة، ووهم دفءٍ من خوارزمية لا تشعر.

للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.

 

الوسائط والمرفقات

الفيديوهات (1)
التحميلات
الذكاء الاصطناعي والعلاقات الإنسانية- هل يمكن أن نقيم صداقة مع آلة؟.pdf
357.0 KB