تسميم الوعي: كيف تتحوّل الأكاذيب الصغيرة إلى حقائق كبرى

في زمنٍ غزير بالمعلومات، لا تُقذف الأكاذيب علينا كطلقات… بل تُقطّر كالسّم، نقطةً بعد أخرى.

تسميم الوعي: كيف تتحوّل الأكاذيب الصغيرة إلى حقائق كبرى

في زمنٍ غزير بالمعلومات، لا تُقذف الأكاذيب علينا كطلقات… بل تُقطّر كالسّم، نقطةً بعد أخرى.

كل شيء يبدأ ببذرة صغيرة: إشاعة، خبر ناقص، تفسير مُشوّه. لا تبدو ضارة في بدايتها، لكنّها تعرف طريقها إلى الذاكرة جيدًا. تدخل بهدوء، وتبقى. ومع التكرار، يُصبح الشك فيها ضعفًا، ويُصبح الكذب قناعةً جماعية.

التكرار لا يُقنع العقل فقط، بل يُخدره. وهذا ما يحدث حين تتحوّل الكذبة المتكررة إلى واقع مألوف، لا يثير الشك، بل يُطمئن النفوس… لأنها بسيطة، سهلة، ومريحة. الحقيقة مُرهقة، بينما الكذبة المعلبة توفر راحة فكرية، وتُقدّم سردية جاهزة: من هو العدو؟ من هو البريء؟ من يستحق اللوم؟

العقل البشري، بتحيزاته وعواطفه، يصبح بيئة خصبة للزيف. نصدّق ما نريد تصديقه، لا ما يستحق التصديق. ولهذا تلتصق الأكاذيب: لأنها توافق الهوى، لا العقل.

لكن السمّ لا ينتشر وحده. نحن نحمله. نردده. نمرّره. دون أن ندرك أننا أصبحنا وكلاء غير واعين لحرب خفية على الوعي.

التعليقات