في أكتوبر 2025، لم يكن سقوط مدينة الفاشر مجرّد حدث ميداني عابر، بل لحظة مفصلية في التاريخ السوداني الحديث.كانت الفاشر آخر معقل حضري للجيش في دارفور، وبسقوطها اكتملت سيطرة قوات الدعم السريع على الإقليم الغربي بأكمله، لتتحول المدينة إلى رمز لانهيار الدولة وولادة واقع جديد من الفوضى والانقسام
رغم رفع رايات السيطرة، ورثت قوات الدعم السريع مدينة مدمّرة وخالية من سكانها.70٪ من الأهالي نزحوا أو قُتلوا، ومستشفى واحد فقط بقي يعمل بجزء من طاقته قبل أن يُستهدف هو الآخر.تحولت الفاشر إلى فراغ إداري وأمني كامل:لا شرطة، لا قضاء، ولا مؤسسات دولة.لم يعد النصر يعني السيطرة على الأرض، بل على مدينة بلا حياة
سياسيًا، تبدّل ميزان القوة.صار الدعم السريع يملك شريطًا إقليميًا متصلًا يمتد من دارفور إلى تشاد وليبيا، بينما يحتفظ الجيش بالشرعية الدولية وبالموانئ وسماء البلاد.كل طرف يملك جزءًا من الدولة، لكن لا أحد يملك السودان كله.
في الخلفية، يتضخم البعد الإثني كقنبلة موقوتة.فالمجازر التي رافقت سقوط الفاشر لم تكن معزولة، بل امتدادًا لصراع الهوية القديم في دارفور منذ 2003.تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن ما يجري يحمل ملامح“تطهير عرقي”، وأن المدنيين–لا المقاتلين–هم من يدفع الثمن في معارك تُدار باسم النصر والشرف
أما إعلاميًا، فقد تحولت الحرب إلى معركة روايات.الدعم السريع يصوّر نفسه كـ“قوة تحرير”، والجيش يقدّمها كـ“ميليشيا متمردة”.وبين التضليل والدم، يبقى المدنيون بلا صوت، بينما تلعب الأقمار الصناعية دور الشاهد الصامت الوحيد على الحقيقة
ثمانية عشر شهرًا عاشها سكان الفاشر في الجحيم.ربع مليون إنسان حُشروا داخل مدينة محاصَرة لا تصلها الإمدادات ولا الأدوية.حين دخلت قوات الدعم السريع، لم يدخل“التحرير”بل الخراب.مشاهد الإعدامات الميدانية والحرائق الجماعية وثّقتها الأقمار الصناعية، وتحولت المدينة إلى مثال رمزي على ما سمّته الأمم المتحدة“الإبادة البطيئة”.من أصل كل عشرة من أهلها، سبعة نزحوا أو قُتلوا، وبقيت المستشفيات بلا كهرباء، والماء يُباع كسلعة نادرة.
للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.

التعليقات