قمة التيانجين: هل يتشكل محور صيني–روسي–هندي يعيد رسم النظام العالمي؟

 قمة تيانجين جسّدت انتقال مركز الثقل العالمي شرقًا، وبداية تشكّل نظام دولي متعدد الأقطاب.

قمة التيانجين: هل يتشكل محور صيني–روسي–هندي يعيد رسم النظام العالمي؟

في صيف 2025، اجتمع قادة الصين وروسيا والهند في مدينة تيانجين الصينية، في قمة وُصفت بأنها لحظة فارقة تعيد رسم ملامح النظام العالمي. مشهد شي جين بينغ وفلاديمير بوتين وناريندرا مودي وهم يتصافحون على البساط الأحمر بدا وكأنه إعلان ولادة محور جديد يتحدى الغرب ويغيّر قواعد اللعبة الدولية.

القمة لم تكن مجرد بروتوكول سياسي، بل حدث استراتيجي جاء بعد أيام من فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسومًا جمركية غير مسبوقة على الهند. هذه الضغوط دفعت نيودلهي نحو أحضان بكين وموسكو، لتظهر للمرة الأولى كتلة أوراسية تحمل ملامح مشروع بديل للهيمنة الغربية.

اقتصاديًا، اتخذت الهند قرارًا جريئًا بمواصلة استيراد النفط الروسي رغم العقوبات، لترتفع وارداتها إلى 1.5 مليون برميل يوميًا، أي نحو 40% من احتياجاتها. في الوقت نفسه، اتفقت الدول الثلاث على تعزيز التجارة بالعملات المحلية، في خطوة وصفت بأنها بداية "إزالة الدولار" من المعاملات العالمية.

عسكريًا، عززت موسكو وبكين تعاونهما عبر مناورات بحرية وجوية غير مسبوقة، بينما ظلت الهند في موقع الحذر، مستفيدة من شراكتها الدفاعية مع روسيا دون التخلي عن روابطها بالغرب. هذا الموقف المتوازن جعلها لاعبًا محوريًا يصعب استقطابه كليًا لأي محور.

ردّ الفعل الأمريكي كان غاضبًا؛ إذ كتب ترمب على منصته أن “واشنطن خسرت الهند وروسيا لصالح الصين”. لكن المفارقة أن سياساته التصادمية هي التي فتحت الباب أمام هذا التقارب الثلاثي.

أثر القمة لم يقتصر على آسيا، بل امتد إلى الشرق الأوسط حيث باتت دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، تبحث عن موقع جديد داخل المشهد العالمي عبر الانفتاح على بريكس وتعزيز شراكاتها مع بكين ونيودلهي وموسكو.

في النهاية، قمة تيانجين لم تكن مجرد لقاء عابر، بل إعلان عن بداية “لعبة كبرى” جديدة، حيث لم تعد الولايات المتحدة اللاعب الوحيد، بل أصبح العالم يتشكل على وقع تحالفات جديدة تقودها الصين وروسيا والهند.

 

الوسائط والمرفقات

الفيديوهات (1)
قمة التيانجين: هل يتشكل محور صيني–روسي–هندي يعيد رسم النظام العالمي؟
التحميلات
قمة التيانجين- هل يتشكل محور صيني–روسي–هندي يعيد رسم النظام العالمي؟.pdf
N/A

التعليقات