يشهد العالم اليوم تحولًا جذريًا نحو الطاقة المتجددة في إطار التحول الأخضر، وهو ردة فعل ضرورية للأزمات البيئية المتزايدة.الدول الكبرى تتسابق لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، بينما يظل العالم العربي وإفريقيا في مفترق طرق، حيث تحمل هذه المناطق فرصًا هائلة ومواجهة تحديات ضخمة.
الطاقة المتجددة:الأمل والتحدي
إفريقيا تمتلك 60%من إمكانات الطاقة الشمسية العالمية، لكن أقل من نصف سكانها يحصلون على الكهرباء.رغم ذلك، تظل الموارد غير مستغلة، بسبب قلة التمويل وغياب البنية التحتية، مما يعمق الفجوة بين الإمكانيات والواقع.في المقابل، لا تستفيد إفريقيا من الاستثمار الأخضر إلا بنسبة 0.6%فقط من إجمالي الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة.التحديات التمويلية تضعف القدرة على تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، حيث تبلغ تكلفة التمويل في إفريقيا أضعاف ما هو عليه في الدول المتقدمة.
الشرق الأوسط:من النفط إلى الطاقة النظيفة
المنطقة العربية، وخاصة دول الخليج مثل السعودية والإمارات وقطر، تتبنى استراتيجيات طويلة المدى للانتقال إلى الطاقة المتجددة، مثل مشروع نيوم في السعودية، الذي يستهدف إنتاج 130 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.الإمارات أيضًا تتجه لتكون رائدة في الطاقة النظيفة من خلال مشاريع ضخمة في الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.ومع ذلك، التناقض الكبير بين تصريحات هذه الدول حول التحول الأخضر وبين استمرارها في استخراج النفط والغاز يثير تساؤلات حول جديتها في هذا التحول.
فرص واعدة ولكن
رغم هذه التحديات، يمكن أن يمثل التحول الأخضر فرصة غير مسبوقة للدول العربية والإفريقية.على سبيل المثال، في المغرب، أدى الاستثمار في الطاقة الشمسية إلى توليد أكثر من 25,000 وظيفة جديدة في مجال صناعة الألواح الشمسية، ومصر نجحت في إنشاء أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم في بنبان، مما خلق 10,000 وظيفة مباشرة.هذا التوجه يعزز الأمن الطاقي، ويساعد على تقليل الاعتماد على استيراد الوقود الأحفوري، وهو ما فعله المغرب بزيادة نسبة الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة إلى 52%.
لكن...التبعية الجديدة قد تكون حاضرة
على الرغم من هذه الفرص، هناك مخاوف من أن التحول الأخضر قد يكون"استعمارًا بيئيًا"جديدًا.أفريقيا، على سبيل المثال، قد تصبح مجرد مزود للموارد الخام مثل الهيدروجين والطاقة الشمسية لصالح الدول الكبرى دون أن تستفيد بشكل حقيقي.مشاريع الهيدروجين في ناميبيا وجنوب إفريقيا قد تساهم في خلق آلاف الوظائف، لكنها قد تبقى مرتبطًة بمصالح الشركات الأجنبية، مما يعيد إنتاج علاقات غير متكافئة.
خلاصة:فرصة تاريخية أم فخ جديد؟
يتساءل الكثيرون هل سيكون التحول الأخضر فرصة تنموية حقيقية أم سيبقى أداة جديدة للهيمنة الخارجية؟ هذه الأسئلة تطرح تحديات تتطلب إصلاحات اقتصادية وحوكمة رشيدة تضمن استفادة الدول العربية والإفريقية من هذه الفرصة.إذا تم استثمار العوائد بشكل صحيح، فإن التحول الأخضر يمكن أن يُعزز التنمية المستدامة ويُسهم في تحقيق العدالة المناخية.
للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.
هل فعلاً سيغير التحول الأخضر مستقبل دول إفريقيا والعالم العربي؟
هل سيكون التحول الأخضر أداة لتمكين الدول العربية والإفريقية، أم سيتحول إلى شكل جديد من الاستعمار البيئي؟

التعليقات