الهيدروجين الأخضر...الوقود الذي يُروَّج له باعتباره"طاقة المستقبل"، يثير اليوم أسئلة أكبر من وعوده.
فعلى الرغم من الضجة العالمية، لا يمثل إنتاجه سوى 1٪ فقط من إجمالي الهيدروجين في العالم.
تُظهر الأرقام أن هذا القطاع ما زال في بداياته:فحتى عام 2025، لم تصل سوى 9٪ من المشاريع المعلنة إلى مرحلة الاستثمار الفعلي، بينما بقي 90٪ منها حبيس النوايا والتصريحات.ومع أن قيمة الاستثمارات المعلنة تجاوزت 110 مليارات دولار عالميًا، فإن الواقع التقني والتمويلي لا يزال أبطأ من الخطاب السياسي.
الصين اليوم تتصدر السباق، إذ تستحوذ وحدها على 65٪ من قدرة التحليل الكهربائي المركبة عالميًا، وتُعد أكبر مُصنّع لمعدات إنتاج الهيدروجين.يليها الولايات المتحدة باستثمارات تفوق 23 مليار دولار بدعم من قانون خفض التضخم، ثم أوروبا بحوالي 19 مليار دولار عبر"مصرف الهيدروجين الأوروبي"الذي يموّل المشاريع الناشئة بحوافز تصل إلى 0.4 يورو لكل كيلوجرام منتج.
لكن هذه"الثورة الخضراء"ليست بيئية فقط، بل جيوسياسية بامتياز.فالهيدروجين بات جزءًا من معركة النفوذ العالمي:
ألمانيا تبحث عن بديل للغاز الروسي عبر شراكات مع السعودية وناميبيا والمغرب.
دول الخليج تطمح لأن تكون"الخليج الأخضر"الجديد، بمشاريع مثل نيوم الذي ينتج أكثر من 1.2 مليون طن سنويًا من الأمونيا الخضراء بدءًا من 2026.
أستراليا وتشيلي تنافسان بخطط لتصدير الهيدروجين إلى آسيا وأوروبا، مستندتين إلى وفرة الطاقة الشمسية والرياح.
ورغم الزخم، تواجه الصناعة عقبات معقدة:
تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الهيدروجين الأخضر ما تزال تتراوح بين 5 و10 دولارات، أي أعلى بخمس مرات من الهيدروجين التقليدي.كما يفقد الغاز بين 13٪ و25٪ من طاقته أثناء النقل والتخزين، ما يجعل الجدوى الاقتصادية رهينة التطور التكنولوجي والدعم الحكومي.
النتيجة؟
الهيدروجين الأخضر ليس"وهمًا سياسيًا"، لكنه أيضًا ليس معجزة الطاقة المنتظرة بعد.
إنه قطاع واعد يعيش بين الخيال والمختبر والسياسة، يسير بخطى بطيئة لكنها ثابتة نحو عالمٍ قد تُرسم خرائطه ليس بالنفط، بل بالكهرباء والماء.
للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.
هل فعلاً الهيدروجين الأخضر سينقذ الكوكب… أم أنه وهمٌ سياسي؟
في سباقٍ بلا دخان، لا يبحث العالم عن وقود جديد… بل عن معنى جديد للطاقة.

التعليقات