هوس الإنتاجية لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل تحول إلى عقيدة اجتماعية جديدة تحكم حياتنا دون أن نشعر.في زمن تُقاس فيه قيمة الإنسان بما ينجزه لا بما هو عليه، صار الانشغال الدائم ميدالية شرف، والعمل المستمر معيارًا للنجاح—لو كان الثمن هو الصحة النفسية والجسدية والعلاقات الإنسانية.
تشير الإحصائيات إلى أن ما يقارب 47%من العاملين في الولايات المتحدة يستمدون إحساسهم بقيمتهم الذاتية من إنجازاتهم المهنية، بينما يرى 31%من البالغين حول العالم أن التوتر أصبح أكبر مشكلة صحية في بلدانهم.ولم يعد السؤال:ماذا نعمل؟ بل:كم ننتج؟—وكأن الحياة سباق بلا خط نهاية.
بيولوجيًا، يضع هوس الإنتاجية الدماغ في حالة طوارئ دائمة عبر إفراز مستمر لهرمون الكورتيزول، ما يؤدي إلى ضعف الذاكرة واتخاذ قرارات متهورة وضباب ذهني وإجهاد مزمن.أما الجسد فيدفع الثمن:ضعف مناعة، ارتفاع ضغط الدم، مشاكل نوم، وحتى زيادة خطر أمراض القلب بنسبة 50%لدى المجهدين في العمل.النتيجة؟ اقتصاد يكسب…وإنسان ينهار.
وعند نهاية هذا الطريق، ينتظر الاحتراق النفسي:حالة مرعبة يشعر فيها الإنسان بأنه مستهلك نفسيًا وجسديًا رغم كل"إنجازاته".وتشير بيانات غالوب إلى أن 3 من كل 4 موظفين عالميًا يعانون إرهاقًا وظيفيًا، بينما تصف دراسات علمية الاحتراق بأنه حالة تسبب تلفًا فعليًا في الدماغ وترتبط بالاكتئاب وانعدام المعنى.
ومع ذلك، لا يتأثر الجميع بالتساوي؛ فالنساء والعاملون في الاقتصاد غير المستقر والفقراء يدفعون الثمن الأكبر.فالمرأة تعمل 2.8 ساعة إضافية يوميًا بلا أجر في أعمال الرعاية المنزلية، بينما 40%من العاملين عبر المنصات الرقمية يعانون إجهادًا مستمرًا، و63%منهم غير قادرين على تغطية نفقاتهم الأساسية.
لكن هناك طريق للخروج.تنجح التجارب الحديثة مثل أسبوع العمل من 4 أيام الذي قلّل الإجهاد بنسبة 39%ورفع الرضا الوظيفي دون خفض الإنتاجية.وتدعو نماذج العمل الإنساني الجديد إلى:راحة ذكية، توازن بين الحياة والعمل، احترام الصحة النفسية، وترتيب أولويات الإنسان قبل رقم الإنتاج.لأن التقدم الحقيقي ليس في عدد ساعات العمل…بل في جودة الحياة.
للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.
هوس الإنتاجية: عندما يتحول السعي للإنجاز إلى استنزاف للعقل والجسد
ليست المشكلة أننا لا نعمل بما يكفي… المشكلة أننا نعمل حتى نفقد أنفسنا.

التعليقات