سوريا: سباق دمج قوات «قسد» في الدولة قبل نهاية العام

القضية لم تعد دمج قوة عسكرية في مؤسسة رسمية، بل دمج جغرافيا وهوية وموارد في مستقبل دولة تبحث عن شكلها الأخير.

سوريا: سباق دمج قوات «قسد» في الدولة قبل نهاية العام

تشهد الساحة السورية سباقًا سياسيًا غير معلن قبل نهاية العام، تدور محاوره حول سؤال واحد:كيف تعيد دمشق السيطرة على الشمال الشرقي الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية(قسد)منذ سنوات؟
فالمنطقة لم تعد مجرد مساحة خارجة عن سلطة المركز، بل كيان إداري وأمني واقتصادي كامل يمتلك قوات مسلحة، وشرطة محلية، ومناهج دراسية، وبلديات، وموارد نفط، ما جعل قسد تتحول تدريجيًا من شريك في مكافحة تنظيم داعش إلى سلطة فعلية موازية للدولة السورية.

هذا التمدد العسكري والإداري خلق معضلة ثلاثية الأطراف:

دمشق تريد استعادة السيادة.

واشنطن تبحث عن“إنجاز سياسي”يسمح لها بخفض وجودها العسكري دون فوضى.

تركيا تلوّح بالتحرك إذا اعتُبر أي اتفاق محاولة لإعادة إنتاج قوة كردية على حدودها.

ولأن الوقت أصبح عنصر ضغط، تتعامل الأطراف مع نهاية العام بوصفها مهلة سياسية لا يمكن تجاوزها بسهولة.فالتأجيل يعني بقاء ربع الجغرافيا السورية في حالة“نصف دولة”، لا هي جزء كامل من المركز، ولا مشروعًا مستقلًا، بينما تتقلص قدرة دمشق على تثبيت حدودها وسياساتها الاقتصادية.

المقترحات المتداولة حول دمج قسد داخل الجيش ليست مجرد ترتيبات عسكرية، بل عملية إعادة تعريف للسلطة.الحديث لا يدور عن تفكيك القوة أو توزيع عناصرها على وحدات مختلفة، بل عن ضمّها داخل ثلاث فرق شمالية تحت قيادة مركزية.
هذا النموذج يُبقي نواة القوة العسكرية لكنه يسحب منها حق القيادة المستقلة، ويفتح الباب أمام“غربلة أمنية”تستبعد العناصر غير السورية أو المرتبطة بتنظيمات لا تقبلها دمشق.

لكن جوهر الخلاف لا يتعلق بالسلاح فقط، بل بـ هوية سياسية ولغوية وثقافية.فالإدارة الذاتية تعتبر أن الاعتراف باللغة الكردية والمناهج المحلية جزء من“الأرباح السياسية”، بينما لا يقدم الدستور السوري المؤقت إلا اعترافًا بالعربية.
أي دمج بلا نصوص دستورية واضحة قد يُعيد اللغة الكردية إلى خانة“السماح الإداري المؤقت”، وهو ما يعتبره الأكراد تهديدًا وجوديًا أكثر من إعادة توزيع البنادق.

العامل الأكثر حساسية يبقى النفط، خصوصًا بعد بدء توريد ما يقارب 5,000 برميل يوميًا إلى مصفاة حمص منذ فبراير 2025.
هذا الرقم متواضع اقتصاديًا لكنه ضخم سياسيًا لأنه يعلن انتقال جزء من الثروة إلى الدولة المركزية، ويختبر ما إذا كان الدمج“شراكة اقتصادية”أم“ضمًا ماليًا”دون ضمان توزيعي واضح.

وفي الخلفية، تبقى تركيا بالغة التأثير؛ فهي تعتبر أي تسوية تُبقي على بنية قسد ولو باسم جديد تهديدًا مباشرًا، وتستخدم لغة“نفاد الصبر”لإجبار الأطراف على الإسراع.وهذا يجعل قسد عالقة بين خيارين أحلاهما مرّ:

التراجع أمام دمشق وخسارة قاعدة محلية.

المقاومة السياسية ومنح تركيا ذريعة عسكرية.

في حال انقضت المهلة من دون اتفاق، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا ليس الانفجار السريع، بل تمديد تفاوضي غامض أو تصعيد تدريجي على خطوط النفط والحدود.ذلك أنّ دمج قسد لا يعني تسوية تقنية، بل تحديد شكل السيادة السورية، ومن يملك القرار في“سوريا ما بعد الحرب”.

للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.
 

الوسائط والمرفقات

الفيديوهات (1)
التحميلات
سوريا_ سباق دمج قوات «قسد» في الدولة قبل نهاية العام.pdf
196.1 KB