اقتصاد الشاشات لم يعد مساحة حرّة كما روّجت له منصات العمل المستقل، بل تحوّل إلى نظام جديد للاستنزاف النفسي يرتدي قناع الحرية.فمن يعملون بشكل مستقل عبر الإنترنت يعيشون صراعًا غير مرئي:قلق مالي دائم، ضغط نفسي مستمر، عزلة اجتماعية خانقة، ومطاردة لا تنتهي للخوارزميات والعملاء والتقييمات الرقمية..
تكشف الإحصائيات أن 28%من المستقلين يعملون سبعة أيام في الأسبوع، و23%منهم لا يعرفون الإجازات إطلاقًا، بينما يعملون في المتوسط 7.4 ساعات إضافية أسبوعيًا دون أجر.لا يعود السبب شغفًا بالعمل، بل خوفًا من التراجع في خوارزميات المنصات أو فقدان العملاء.انهيار الحدود بين العمل والحياة جعل المستقل يعيش داخل"دوامة الاتصال الدائم"، حيث تتحول الإشعارات إلى قيود نفسية تمنعه من الانطفاء لحظة واحدة.
إلى جانب ذلك، تتآكل الصحة النفسية تحت وطأة الإرهاق المستمر.فقد أظهرت دراسات أن 32%من المستقلين يشعرون بتوتر عند التفكير في أخذ إجازة، و45%منهم أفادوا بتدهور صحتهم النفسية خلال عام واحد فقط.وبدلًا من فصل وقت العمل عن الراحة، تسلّل العمل إلى كل لحظة في اليوم، حتى وقت النوم، حيث تؤدي الإشعارات الليلية إلى فقدان 48 دقيقة من النوم يوميًا في المتوسط، ما يؤدي إلى ضعف التركيز والإرهاق المزمن.
الضغط لا يتوقف هنا.فالاستقلال المهني يعني أيضًا تعدد الأدوار القاتل:المستقل ليس موظفًا فقط، بل فريقًا كاملًا يعمل وحده—مديرًا ومسوقًا ومحاسبًا وفريق دعم فني.وتشير الأبحاث إلى أن هذا التشتت المتكرر في المهام يرفع إجهاد الدماغ ويقلل الإنتاجية بنسبة 40%ويزيد احتمالية الإرهاق العاطفي.
يضاف إلى ذلك القلق المالي كهاجس يومي؛ إذ أظهرت دراسات أن 45%من المستقلين يعيشون توترًا ماليًا شديدًا، و80%منهم غير قادرين على تغطية نفقات طارئة بقيمة 1000 دولار.أما العزلة المهنية فتزيد الطين بلّة؛ إذ يعاني 72%من المستقلين من الوحدة وفق استطلاع حديث عام 2024—وهو رقم يشبه"وباء وحدة"كما وصفته التقارير.
الخلاصة:
الاستقلال المهني ليس مشكلة في حد ذاته، بل المشكلة في بيئته الاقتصادية الحالية التي تُحمّل الفرد فوق طاقته.إذا استمر هذا الاتجاه، فنحن أمام جيل يحترق أمام الشاشات تحت شعار"اعمل أكثر لتبقى موجودًا".
للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.
اقتصاد الشاشات المرهق: لماذا أصبح الاستقلال المهني وصفة للاحتراق النفسي؟
لسنا أحرارًا في اقتصاد المنصات… نحن فقط نعمل بدون حماية.

التعليقات