مليونيرية التفاهة: ثراء بلا معنى في زمن الخوارزميات

العصر الرقمي فتح بابًا غير مسبوق للثراء والشهرة، لكنه أنتج طبقة جديدة من "مليونيرية التفاهة": أشخاص راكموا الملايين عبر محتوى تافه أو ترفيهي قصير العمر، دون إنجاز علمي أو إنتاجي يذكر. لم يعد النجاح مرهونًا بالعلم أو العمل، بل بقدرة فيديو قصير على خطف انتباه الخوارزميات.

التفاهة تتحول إلى اقتصاد
الترفيه الخفيف أصبح صناعة كبرى. قيمة "اقتصاد المؤثرين" قُدِّرت بأكثر من 250 مليار دولار حاليًا، ومن المتوقع أن تتجاوز 480 مليارًا بحلول 2027. على يوتيوب مثلًا، تحتل مقاطع الترفيه 25% من المشاهدات، لتتفوق على كل المحتويات الأخرى بما فيها التعليم.

الخوارزميات كمهندس خفي
الخوارزميات لا تعرض ما هو أعمق، بل ما يجذب المشاعر أسرع. نحو 70% مما يشاهده الناس على يوتيوب مصدره توصيات آلية، ما يعني أن الطريق إلى الثروة يمر عبر "إرضاء الخوارزمية" لا إرضاء العقل. النموذج الأوضح هو "MrBeast" الذي حقق 10 مليار مشاهدة في عام واحد وجنى أكثر من 54 مليون دولار.

اقتصاد المشاهدات: ثروة بلا إنتاج
ملايين الدولارات تُجنى من غرفة جلوس فرد، دون مصانع أو موظفين. في 2021، جمعت شقيقتان على "تيك توك" أكثر من 27 مليون دولار من مقاطع قصيرة، بأرباح تنافس كبار نجوم السينما والرياضة. لكن هذه الثروة سريعة، هشة، وتعتمد على تقلبات المزاج الجماهيري.

أزمة القدوة والفراغ القيمي
الأخطر ليس المال، بل الصورة التي تُزرع في وعي الشباب. لم تعد القدوة عالِمًا أو مثقفًا، بل مؤثرًا يروّج لنمط حياة استهلاكي. النتيجة: جيل يطارد الشهرة والمال السريع، ويضع العلم والمعرفة في المقاعد الخلفية.

سيناريوهات المستقبل
الورقة تطرح سؤالًا حاسمًا: هل ستبقى المنصات مصانع للتفاهة، أم يمكن تحويلها إلى ساحات للمعنى؟ النجاح المستدام قد يتجسد في "مليونيرية المعنى": من يزاوج بين أدوات العصر الرقمي والقيمة الحقيقية التي تنفع المجتمع.


🔑 الخلاصة:
مليونيرية التفاهة ليست صدفة عابرة، بل انعكاس لنظام اقتصادي–اجتماعي جديد يقوم على تسليع الانتباه. الخوارزميات تصنع الأثرياء، والمجتمع يدفع ثمن فراغ القيم.