في عالمٍ يسابق الزمن لإنقاذ كوكبه، يتقدّم "التحوّل الأخضر" كأملٍ جديد يَعِدُ بالاستدامة والطاقة النظيفة، لكنه يحمل في جوهره سؤالًا أكبر:هل هو مشروع إنقاذ أم استعمار بلونٍ جديد؟
فبينما تجاوزت الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة 1.8 تريليون دولار عام 2024، استحوذت الدول الصناعية على 70٪ منها، فيما لم تنل الدول النامية سوى 5٪ فقط.هكذا يتحوّل الشمال إلى مركز للتحكم في الموارد“الخضراء”، بينما يُترك الجنوب رهينة التمويل والديون.
فالموارد الطبيعية متاحة للجميع، لكن التكنولوجيا ليست كذلك.الصين، مثلًا، تُنتج 80٪ من الألواح الشمسية عالميًا، وتحتكر أكثر من 55٪ من بطاريات السيارات الكهربائية عبر شركاتها الكبرى، فيما تسيطر أوروبا على تقنيات الرياح.وهكذا أصبح الجنوب يشتري“الاستدامة”من الشمال بدل أن يشارك في صنعها.
أما معركة الموارد فلم تنتهِ بانتهاء النفط، بل بدأت من جديد باسم "المعادن الخضراء":
الليثيوم في أمريكا الجنوبية، الكوبالت في الكونغو، النيكل في آسيا، والعناصر النادرة في إفريقيا.كلها تُستخرج هناك…لتُصنَّع هنا، في مصانع الشمال التي تملك براءات الاختراع وتحتكر الأرباح.
إنه استعمار بيئي ناعم يعيد تدوير المنظومة ذاتها التي حكمت الاقتصاد العالمي قرنًا كاملاً.
وحتى "التمويل الأخضر" الذي وُعد به الجنوب لم يكن منحة بل قرضًا مغلفًا بالشعارات.
من أصل 100 مليار دولار التزمت بها الدول الغنية سنويًا لتمويل المناخ، يأتي 70٪ منها في شكل ديون بفوائد عالية.وهكذا يُفرض على الدول الفقيرة أن“تُنقذ الكوكب”من جيوبها، بينما تستمر الدول المسببة للتلوث في تصدير بضائعها النقية عبر بوابات ملوّثة.
لقد تحوّل شعار العدالة المناخية إلى مرآةٍ تكشف التناقضات بين“النية البيئية”و“النفوذ الاقتصادي”.
منذ الثورة الصناعية، تسببت الدول الغنية في 70٪ من الانبعاثات التاريخية، لكنها الآن تُطالب الآخرين بخفض انبعاثاتهم دون أن تمنحهم أدوات العدالة أو التكنولوجيا.
هكذا يغدو التحول الأخضر، في كثير من الأحيان، نظامًا جديدًا لإعادة ترتيب النفوذ العالمي أكثر من كونه مشروعًا لإنقاذ الأرض.
العالم اليوم أمام مفترق طريقين:
إما أن يتحول هذا التحول إلى شراكة حقيقية تُشارك فيها الدول النامية في الإنتاج والتكنولوجيا،
أو نعيش حقبة جديدة من "الاستعمار الأخضر" الذي يربط التنمية بالديون ويحوّل البيئة إلى سلاح نفوذ اقتصادي.
للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.
مستقبل التحول الأخضر: تنمية مستدامة أم استعمار جديد؟
ما بدا ثورة خضراء لإنقاذ الكوكب… قد يكون جسرًا ناعمًا لعودة الاستعمار بشكلٍ جديد.

التعليقات